طريق السعادة
إن السعي لنيل السعادة هو مطلب كل إنسان، إذ هي الكنز الثمين الذي يُسعد القلب ويشرح الصدر، ويعيش المرء في راحة وهناء، ولكن هل كل من بحث عن السعادة وجدها؟ وهل كل من ادعى السعادة ذاق حلاوتها؟
من تأمل أحوال الناس في سبل نيل السعادة يجدهم قد سلكوا طرقاً مختلفة، فمن الناس من يطلبها في المال والغنى، ومنهم من يطلبها بتعاطي أمور محرمة كالمسكرات والمخدرات، إلى غير ذلك من الآراء المتباينة، وكل هؤلاء إن قيل له عن ماذا تبحث؟ يقول: أبحث عن السعادة، أريد انشراح الصدر، أريد البعد عن الأحزان والهموم...
إن مفهوم السعادة باختصار هو اعتدال وطمأنينة قلب الإنسان وانشراح صدره في جميع مقامات الحياة، وهي لن تتحقق الا باتباع الفرد الأنظمة الدنيوية والاخروية؛ لأنها السبيل لذلك، وبخلاف ذلك يكون الفرد خائفاً مضطرباً خشيت وقوعه في المساءلة، وإن استشعر الراحة والطمأنينة فهي مؤقته وزائلة وزائفة ايضاً. فالطمأنينة الحقة هي طاعة ولي الامر وقوانين الدولة، وطاعة الله ورسوله بما نُزل في شريعة الإسلام الغراء، ومخالفتهما هي خراب وضياع، علما بان تحقيق الأولى – الالتزام بالأنظمة الدنيوية - مدعاة لتحقيقها بتحقيق طاعة الله ورسوله، لأنها غرس ايماني عقائدي سليم، فمن زرع ذلك في قلبه، فقد فاز بالدنيا والاخرة، ونعم بالطمأنينة والراحة والسعادة التي لن ينالها الإنسان إلا بطاعة الله، حيث إن أساس السعادة ومرتكزها في الإيمان والعمل بشرع الله، إذ إن الإيمان يعطي للحياة معنى، ويغذي الإنسان بالقوة التي تعينه على تحمل المشاق والصعاب، وتجعله يرى الحياة بنظرة إيجابية، وذلك بأن نؤمن بالله رباً ومعبوداً، ونؤمن بالملائكة وبالكتب المنزلة، وبالرسل جميعاً، ونؤمن باليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، وأن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وبناء على هذا المرتكز الذي هو الإيمان بالله، وبما يقتضيه الإيمان من الأعمال الصالحة؛ تكون السعادة، قال تعالى: {من عَمِلَ صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينّه حياةً طيبةً ولنجزينّهُم أجرهم بأحسنِ ما كانوا يعملون} [النحل:97].
وللسعادة أسباب منها:
- انتماء الإنسان وارتباطه بأسرته ومجتمعه ووطنه، فانتماء الفرد إلى مجموعة متماسكة متحدة، يوّلد لديه شعوراً إيجابياً، ويتجلى هذا الشعور في ولاء الإنسان لوطنه، كيف لا وحب الوطن فطرة فطر الله الناس عليها، وهو من أغلى ما نملك.
- القناعة بما قسمه الله لك، وصدق نبينا عليه الصلاة والسلام إذ يقول: "ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس" [رواه الترمذي] وأن ينظر الإنسان إلى من هو دونه في العيش، ولذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا فقال: "انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم" [رواه مسلم] والازدراء هو الاحتقار والتنقّص.
- السعي في عمل الخير والمساهمة في نفع الآخرين، قال عليه الصلاة والسلام: "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس" [رواه ابن أبي الدنيا].
- علاقة المرء بأسرته ومجتمعه، فإنهم نعم العون على بلوغ السعادة.
واعلم أخي القارئ إن كان ما يسعدك هو شيء من المعاصي فلن تستمر السعادة إلا بالزيادة منها، وإن كانت في المباحات فستزداد منها حتى تشبع رغبتك وتمل، وإن كانت في الطاعات فستطلبها وأنت تزداد سعادة وأجراً، وتنال من الله طمأنينة وفضلاً.
جعلنا الله وإياكم من السعداء الذي يحيون حياة طيبة في ظل طاعة الله جل وعلا.