مواسم الخيرات
إن من أجَلّ نِعَم الله -سبحانه وتعالى- وعظيمِ فضله على عباده أن هيَّأ لهم مواسم تكثر فيها الخيرات؛ وتُضاعَف الحسنات، وتُغفر السيئات، وتتنزّل الرحمات، وتُجاب الدعوات، وتُرفع الدرجات، وإن من أعظم هذه المواسم وأجلِّها شهر رمضان المبارك، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال: (أتاكم رمضان شهرٌ مبارك، فرض الله -عز وجل -عليكم صيامَه، تُفتَّح فيه أبوابُ السماء، وتُغلَّق فيه أبواب الجحيم، وتُغَلُّ فيه مردةُ الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِمَ خيرها فقد حُرِم) [سنن النسائي] .
ولقد منَّ الله -عز وجل -علينا أن بلّغنا في هذه الأيام المباركة هذا الشهر الفضيل، لما له من خصائص عديدة ومنافع جليلة؛ حيث يُعتبر شهر رمضان المبارك ميقاتاً لنزول القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة 185]، كما أنه سبيلٌ عظيمٌ لمغفرة الخطايا والذنوب، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً، غُفِر له ما تقدّم من ذنبه) [صحيح البخاري] ، ويُعَدُّ شهرُ رمضان فرصةً ثمينةً لمضاعفة الأجور والحسنات، فعن ثوبان -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من صام رمضان فشهرٌ بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام بعد الفطر، فذلك تمام صيام السنة) [مسند أحمد] ، وبالرغم من وجود العديد من الخصائص والفضائل لهذا الشهر المبارك إلّا أن قلب المؤمن يكفيه سعادةً وطمأنينةً إذا ما عَلِمَ أن الله -عز وجل -قد تكفّل بنفسه إعطاءَ أجر وثواب الصائم، فقد جاء في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له، إلّا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به) [صحيح البخاري].
فحريٌّ بنا أن نستثمر أوقاتنا خلال هذه الأيام المباركة في الطاعات والقربات؛ تعظيماً لشعائر الله عز وجل، ورغبةً في نيل الثواب الجزيل من المولى عز وجل، وإن من أفضل الأعمال وأعظم الطاعات التي نتقرّب بها إلى الله -سبحانه وتعالى -في هذا الشهر الكريم الصدقات والأوقاف، وقد أكرمنا الله تعالى في وطن الخير والعطاء -دولة الإمارات- بقيادة رشيدة حكيمة تؤمن بأهمية العمل الإنساني، وتسعى دائماً لإطلاق المبادرات التي من شأنها استدامة العمل الخيري والإنساني في العالم أجمع، ولعلّ من أبرز المبادرات التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي -رعاه الله- في هذا الشهر المبارك "حملة وقف الأم" جرياً على عادة سموه بإطلاق المبادرات الخيرية والإنسانية بالتزامن مع شهر رمضان الكريم، والتي بدورها تسعى إلى تكريم الأمهات وترسيخ ريادة الدولة في مجال العمل الإنساني والخيري الذي يمتد أثره إلى كافة دول العالم.
فاللهم أدم الأمان والاستقرار على دولة الإمارات، واحفظ قيادتنا الرشيدة ووفقها لما تحبه وترضاه، وتقبل منا طاعاتنا وصالحات أعمالنا في هذا الشهر الكريم، وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.