
معالم تربوية من شعيرة الحج
إن الحج مدرسة مباركة لتهذيب النفوس، وتزكية القلوب، وتقوية الإيمان، فمن خلال هذا المنسك العظيم يتلقى المسلمون الدروس المؤثرة، والعبر الجليلة في العبادة والأخلاق، ولا ريب أن الحج من أفضل الطاعات التي يتقرب بها المسلم من ربه، فهو إحدى الدعائم الخمس التي يرتكز عليها الدين الإسلامي.
وإن من الدروس المستفادة من شعيرة الحج هو إخلاص العمل لله سبحانه، وذلك بأن تكون جميع أعمالنا خالصةً لله سبحانه، وبذلك أهلّ النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجّه، وأن تكون هذه الأعمال موافقة لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها، لقوله عليه الصلاة والسلام: "لتأخذوا عني مناسككم" [رواه مسلم]، ومما نستفيده من هذه المدرسة العظيمة أن نحذر من الغلو في الأقوال والأعمال لقوله عليه الصلاة والسلام "يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين، فإنه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين" وأن نحرص على لزوم الوسطية والاعتدال في جميع الأحوال، ومما يستفاد من الحج أنه يعوّد المسلم نفسه على الأخلاق الفاضلة والصفات الزاكية كالصبر والحلم، وقد سُئل عليه الصلاة والسلام عن برّ الحج المبرور، فقال: "إطعام الطعام وطيب الكلام" [رواه أحمد] وكذلك مما نستفيده من هذه الشعيرة تحقيق الأخوة الإيمانية، حيث اجتمع المسلمون على اختلاف ألوانهم وألسنتهم وتباعد بلدانهم وهم يرددون كلمة واحدة "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك" فعلينا أن نسعى في كل ما يقوي هذه الرابطة الإيمانية، ونحذر من العصبيات المقيتة والتحزبات الضيقة.
فالحج مدرسة تربوية إيمانية يتخرّج منها المؤمنون، وينهل من معينها الموفقون.