قوة التفكير في سلوكنا
على الرغم من أن التفكير أمر اعتاد الناس على ممارسته، إلا أنه من المفاهيم الغامضة والعميقة التي يجب فهمها لتمكن من استغلالها وتسخيرها في منحنى الحياة بطريقة مثلى وأكثر ايجابية.
إن التفكير لا يقتصر أثره على فهم آلية حدوثه، بل هو عملية معقدة متعددة الخطوات تتداخل فيها عوامل كثيرة.
هذه التفكير يتكون من خلال المعلومات المختلفة التي يلتقطها العقل، وأحد أهم مصادر التقاط هذه المعلومات هي العلاقات الاجتماعية.
كل منا مر بمواقف وسيناريوهات وأحداث مختلفة من خلال تواصله وتداخله في العلاقات الاجتماعية، وما زالت معظم هذه الأحداث تأثر فيه بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق المعلومات والأفكار التي يلتقطها العقل حتى يصل بعض الأفراد إلى شعورهم بمشاعر وتفاصيل دقيقة لهذه الأحداث، دعني أشرح لك ذلك بصورة مبسطة ما زال بعضنا يعيش في شكل وتفاصيل علاقته بأبيه، المشاعر الحانية والعطوفة التي كانت موجودة في شخصية الأب، وما زال بعضنا محتفظ بمشاعر خوفه من أخيه لتعامله معه بجفاء وصرامة في فترة احتياجه له، وما زال بعضنا يذكر نظرات الارتياب والشك في عين والدته حينما كان يعود للبيت في وقت متأخر، وما زال بعضنا يخشا من الظلام والوحدة لسماعه من ابن جيرانهم عن الجن وظهورهم في الأماكن المظلمة، وما زال بعضنا يخشى من الموت لرؤيته لصديقه المتوفى وهو مغطى بغطاء أبيض بعد وفاته بحادث سيارة وغيرها من الأحداث والذكريات التي مر بها.
إن ذلك يعني بأن كل فرد منا تأثر تفكيره ومشاعره بأحداث قديمة مر بها، وفي حال تمسكه بسلبيتها تترك له رسائل نفسية تساهم في تكوينه النفسي؛ والتي أثرت على تعامله مع نفسه والآخرين.
والأمثلة على مضمون هذه الرسائل قد يكون " لا استحق الشعور بالسعادة" ، " أنا لا استطيع فعلها" " لا أحد يهتم بأمري" " أنا لا استطيع الاستمرار في الحياة" " أنا لن أكون محبوباً مهما فعلت".
وجود هذا النوع من الرسائل في ذهن الفرد وعدم استبدالها تجعله يصدقها خاصة في حال تشكل هذه الرسالة النفسية من حدث تواجد فيه أقرب الناس له، وقد يتفاقم ذلك وصولاً إلى تفضيل الفرد التمسك والعيش بهذه الرسائل في حياته والتصرف بناء عليها، وقد يتدرج الفرد إلى أن يصل إلى الأسوء وهو تحقيق واثبات هذه الرسائل على سلوكه نتيجة عدم وجود البدائل التي يحمي بها نفسه من نفسه.
قد يتساءل البعض كيف لنفسي أن تؤذيني، والإجابة هي عندما تترك نفسك وتفكيرك وسلوكك مرتبط ارتباط تام بالرسائل النفسية السامة وعدم وجود اختيارات ليدافع بها الفرد ستكون معرض لأذيتك لنفسك.
إن ما يجب القيام به هو توفير الحماية من هذه الرسائل النفسية السلبية من خلال التفكير والقيام بسلوك مخالف تماماً لهذه الرسائل المؤذية فلنبدأ بما يعاكس الرسالة الأولى التي ذكرناها وهي " لا استحق الشعور بالسعادة" لتكون " إن استحق السعادة فسعادتي بيدي وأجدها في حياتي ومع عائلتي وفي كل مكان اتواجد فيه" تكرار هذه العبارة مع الذات ستدفع الفرد للتماس أثرها على أرض الواقع فتجده يضحك مع من حوله، ينظر إلى مسرات المواقف، و يحاول مشاركة الآخرين بها لينتشر هذا الشعور لمن حوله.
إن سيطرتنا على هذه الرسائل النفسية المؤذية يجب أن يكون هدف نسعى للوصول إليه، ولا مانع من طلب المساعدة من مختص نفسي في حال عدم السيطرة عليها، ويجب إن لا ننسى بأننا سنلتقي في بعض الأحيان بأشخاص يقذفوننا برسائلهم النفسية السلبية مما يستوجب علينا بناء خط دفاع نفسي يساهم في عدم تأثرنا بها وإعادة صياغتها لتكون رسائل عكسية نقوي بها أنفسنا ومشاعرنا للأفضل.