جريمة التزوير
نسمع كثيراً عن كلمة التزوير، حيث أنها كثيراً ما تتردد هذه الكلمة في أروقة مراكز الشرطة والنيابات والمحاكم، حيث أن التزوير كثيراً ما يقع على الأوراق والوثائق والمستندات الحكومية منها والرسمية، ويقصد بها إحداث تغيير في حقيقة المستند إما بالإضافة أو الحذف بهدف تحقيق مصلحة غير قانونية.
ولغةً اشتقت كلمة التزوير من كلمة زور، والزور هو الكذب، حيث يقال أزور عن الشيء أي عدل عنه وانحرف، ففي هذه الحالة يكون القصد من التزوير هو الكذب، وفي الفقه يعتبر التزوير وسيلة يلجأ إليها الشخص بقصد النصب والغش، وأما في القانون فيقصد بها إحداث تغيير حقيقي في المستند الرسمي، مما سينتج إلحاق الضرر بالمصلحة الخاصة والعامة.
وللتزوير عدة تعاريف، ومن جملة هذه التعاريف هو اعتباره جريمة يسعى الشخص من خلالها الحصول على شيء لا يستطيع الحصول عليه بالوسائل والأساليب الشرعية والقانونية، أو تغير حادثة غير حقيقية إلى حادثة في مظهر حقيقي، وذلك عن طريق اللجوء إلى الاحتيال والنصب، ويقع على المستندات أو الأوراق أو العقود أو الوثائق.
ومن أمثلة التزوير قيام طبيب بإصدار شهادة طبية موقع عليها تفيد بأن الشخص لا يعاني من أية أمراض مزمنة بقصد إنجاحه في اختبار الدخول إلى العسكرية؛ ولكن في الحقيقة فإن الشخص يعاني من مرض في القلب، ومثال آخر قيام موظف السجل العقاري باستخراج مستند رسمي يفيد بأن الشخص لا يملك أرض سكنية؛ ولكن في الحقيقة يملك أرض سكنية، ويكون الهدف من كل ذلك هو تغيير الحقيقة بهدف الحصول على حقوق غير مشروعة.
وللتزوير عدة أنواع منها التزوير المادي وهو التغيير الملموس الذي يقع على الأوراق الرسمية والمستندات والوثائق والمراسلات والشهادات، مثل تزوير الشهادات الطبية أو الشهادات الجامعية أو المدرسية، والنوع الثاني للتزوير هو المعنوي ويقع هذا النوع من خلال خداع الأشخاص وإيهامهم في واقعة معينة من خلال انتحال صفة غير حقيقة، مثل انتحال صفة طبيب لإجراء عملية تجميلية، وكثيراً ما تقع مثل هذه الحوادث، أو انتحال صفة رجل أعمال بقصد إقناع الأشخاص بمشروع تجاري ناجح يدر أرباحاً كثيرة، بينما الهدف هو سرقة أموال المستثمرين، ومن ثم الهرب إلى خارج الدولة.
تقوم دولة الإمارات بدور كبير في مكافحة جرائم التزوير بجميع أشكاله فهي لا تتهاون في محاسبة أي شخص يرتكب لتلك الأفعال، وقد حدد القانون عقوبة التزوير بالشكل الذي يتماشى مح حجم الجريمة المرتكبة، وذلك من خلال تطبيق النصوص القانونية الوارد ذكرها في قانون الجرائم والعقوبات رقم (31) لسنة 2021 ،الفصل الخامس، تزييف العملة والسندات المالية الحكومية، ضمن المواد (239 – 245). والفصل السادس، التزوير ضمن المواد (246 – 259). ومن العقوبات المفروضة على مرتكب جريمة التزوير في محرر رسمي السجن المؤقت مدة لا تزيد على عشر سنوات. كما يعاقب بالسجن المؤقت مدة لا تزيد عن خمس سنوات كل من زور صورة محرر رسمي وتم استعمال تلك الصورة. لذا فإن العقوبات الرادعة وفرض النظم والقوانين له دور كبير وفعال في محاربة جرائم التزوير، والذي يعزز الدور الريادي الذي تقوم به دولة الامارات في مكافحة الفساد بجميع أشكاله، وتعزيز الثقة بين المؤسسات والأفراد، وخلق بيئة اقتصادية تنافسية جاذبة على أرض الدولة.